جوزيف ابو فاضل: بيان مجلس الأمن غير ملزم ولكنه يعترف بشرعية الرئيس الأسد

أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ البيان الأخير لمجلس الأمن الدولي يدلّ على اعتراف المجتمع الدولي بصوابية وشرعية الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، معتبراً أنّه يفترض أن يُنظَر للقرار من هذا المنطلق بطبيعة الحال، خصوصًا أنّه من غير الممكن القول أنّه قرارٌ ملزمٌ.
وفي حديث إلى "الفضائية السورية" من دمشق ضمن برنامج "خبايا السياسة" سمر خضور، لفت أبو فاضل إلى أنّ هذا القرار لم يتكلم عن أسطوانة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير والرئيس التركي رجب إردوغان وقطر عن رحيل الرئيس الأسد، ملاحظاً أنّ هؤلاء سكتوا. 
وأشار أبو فاضل إلى أنّ السعوديين والقطريين يحاولون الدخول على المشهد السوري بعد خسارتهم في الجنوب السوري، وتحدّث عن خسارة كبيرة من دمشق إلى الأردن أصابت المملكة العربية السعودية وقطر، وبقي إردوغان، أو إردوغاز كما سمّاه نسبه إلى نهبه وسرقته للغاز، في الشمال السوري، حيث يسعى إلى تحقيق حلمه.

هدنة غير دائمة
ورأى أبو فاضل أنّ هناك تعويلاً كبيراً في القرار الأممي المستجدّ على الوقت، لافتاً إلى أنّ من أهمّ نقاطه أنّه يتكلم عن هدنة تبدأ من شهر كانون الثاني المقبل وتشمل بعض المناطق، مستبعداً أن يكون هناك هدنة دائمة، مرجّحًا أن يكون الأمر بمثابة رسم لحدود التماس إلى حدّ ما، وقال: "يمكن أن تحصل هدنة تنجح في الغوطة وتخسر في إدلب على سبيل المثال".
وأوضح أبو فاضل أنّ الدولة السورية والشعب السوري والجيش السوري والحكومة والبرلمان موحّدون على قرار واحد، في حين أنّ الفريق الآخر يتخبّط، وسط كثرة اللاعبين وتناقضاتهم، ما يؤدّي لعدم القدرة على تحديد أيّ جهة بالتحديد مخوّلة بإدارة المفاوضات.

القيم غير موجودة
ورداً على سؤال، رأى أبو فاضل أنّ المجتمع الدولي لا يتحرّك من أجل قيمه بل هو خائف من داعش، لافتاً إلى أنّ القيم التي يتغنّى فيها الغرب غير موجودة، وهو يسعى دائمًا لتأمين مصالحه وخاصة مع الأميركان، ولذلك لا يمكن أن نرى الغرب يتصرّف وحده.
ونفى أبو فاضل وجود أيّ صفة إلزامية للقرار الصادر عن مجلس الأمن، موضحًا أنّ هذا القرار ليس تحت الفصل السابع، ولفت من جهة ثانية إلى أنّ الاهتمام الأميركي بسوريا والإرهاب الذي كان يرعاه والمنطقة سوف يخفّ وهجه في الفترة المقبلة مع بدء العدّ العكسي للانتخابات الأميركية المرتقبة في كانون الثاني 2017.

كيف تجفّف منابع الإرهاب؟
ولفت أبو فاضل إلى أنّ تنظيمي داعش وجبهة النصرة انسحبا من المراكز الحكومية وتغلغلا في الأحياء، وهذا أمر أصبح معروفاً، وقد اعترف به الروس والأميركان، مشيراً في سياقٍ متصل إلى أنّه لا يمكن تجفيف منابع الإرهاب إلا عبر وقف السعودية وقطر وإردوغان لتدفق الأسلحة والمسلحين وكلّ نفايات وقاذورات العالم إلى سوريا لتدمير سوريا، وشدّد على أنّ سوريا هي صاحبة الحضارات والأمجاد.
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ أحداً لا يستطيع إلزام هذه الدول وقف ممارساتها هذه، مجدّداً القول أنّ القرار غير إلزامي وأننا لا نزال نراوح مكاننا، موضحاً أنّ ما حصل هو بمثابة تأجيل للمشكل واستمرار للحرب على سوريا.

دوامة الانتخابات الأميركية
ولفت أبو فاضل إلى أنّ الإدارة الأميركية دخلت بدوامة الانتخابات، مشيراً إلى أنّ هذه الدوامة ربما ترتدّ إيجاباً وربما ترتدّ سلباً على سوريا، لكن سوريا تعيش الحالة السلبية، وأوضح أنّ المعركة الجديدة اليوم في سوريا هي حول ماهية الموقف الأميركي بعد سنة من انتخاب الرئيس الجديد للولايات المتحدة، علمًا أنّ هناك أولويات، مؤكداً أنّ الأميركيين يسعون في الوقت الحالي لتبريد كلّ الجبهات، ولكنّهم لا يمانعون استمرار الاشتعال في سوريا كونها بعيدة عنهم. 
ولفت أبو فاضل إلى أنّ الأميركيين هم من اخترعوا داعش إلى جانب إردوغان وإسرائيل، وهي تُدار من قبلهم بواسطة الريموت كونترول، مشدّداً على أنّ الاستخبارات التركية هم الأساس في هذا الموضوع ولهم باع طويل، وذكّر بالصحافية التركية التي قتِلت بعد كشفها لمعلوماتٍ عن ضلوع الاستخبارات التركية في هذا الأمر.

السعودية تخسر
واعتبر أبو فاضل أنّ المشكلة الأساسية هي أنّ السعودية خسرت في اليمن، بدليل أنّ السعوديين هم الذين تقدّموا بطلب خطي لوقف إطلاق النار في اليمن، مشيراً إلى أنّ السعودية دمّرت اليمن وقتلت الأطفال لكنّها لم تحصد إلا العداوة مع اليمن إلى ما لا نهاية، لافتاً إلى أنّها انتقلت إلى سوريا وخسرت، باعتبار أنّ غرفة موك الموجودة في الأردن تكاد أن تقفل، ملاحظاً أنّ هناك انتصارات للجيش السوري في درعا.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ الذي يتكلم اليوم هو الميدان ثمّ الميدان ثمّ الميدان، مشدّداً على أن الحقّ هو دائماً للأقوى وللأفضل وللذي يبقى في الساحة، وهو في هذه الحالة الجيش العربي السوري، مشيراً إلى أنّ أحداً لا يستطيع أن يقاتل الإرهابيين والتكفيريين كما قاتلهم الجيش السوري ومع حزب الله على امتداد سنوات العدوان.

الأردن سيفتح حدوده
واعتبر أبو فاضل أنّ مصالح الغرب تختلف تمامًا عن فكرنا، مشيراً إلى أنّ الغرب ينظر إلينا كأرقام ونحن أصبحنا ننظر إليه كأرقام كذلك الأمر، لافتاً إلى أنّ الغرب يتحدّث عن الديمقراطية من جهة ويدعم مجموعات من أكلة لحوم البشر من جهة ثانية مثل داعش وغيرها.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ المشروع الأردني غير العربي لضرب سوريا فشل كذلك الأمر، وأصبح الأردن اليوم بحاجة لفتح حدوده، وقال: "قريباً جداً، سيفتح الأردن الطريق الدولية مع دمشق وذلك لمصلحته أولاً، وإلا سوف ترتدّ عليه المشكلة".
واعتبر أبو فاضل أنّنا أمام مشهد جديد  من الجنوب السوري إلى الأردن، واصفاً الأمر بأنّه خسارة أكيدة للسعودية، ولفت إلى أنّ حزب الله والجيش العربي السوري في القلمون وفي ريف دمشق أسقط الكثير، وبالتالي سوف تحصّن هذه المنطقة، وهناك أمور سوف تدخل إلى المشهد السوري، ليختلف الوضع جداً، مشيراً إلى أنّ وقف إطلاق النار سيكون لمصلحة الجميع لأنّ داعش والنصرة سينكشفون، وفي جميع الأحوال هم مطلوبون.

تحالف هجين
 من جهة ثانية، رأى أبو فاضل أنّ التحالف الإسلامي الذي أعلنت المملكة العربية السعودية عن تشكيله هو لزوم ما لا يلزم وبمثابة لعب أولاد صغار، واصفاً إياه بالمهزلة، وتساءل عن سبب عدم إدخال الصين في التحالف وكذلك الهند، رغم أنّ هناك مجموعات إسلامية على أراضيها.
وتحدّث أبو فاضل عن خلافات بين الأمير محمد بن سلمان والأمير محمد بن نايف في المملكة، وأشار إلى أنّ هذا التحالف هو تحالف هجين، وسأل: "هل يعقل أنّ أندونيسيا وهي أكبر دولة إسلامية توضَع في التحالف من دون علمها؟ وكيف سواجه السعوديون الإرهاب في مصر؟ إذا كان هناك هدف في مصر، من يحدّد هذا الهدف ومن يحدّد كيف سيُضرَب هذا الهدف؟ هل تذهب السعودية لتقاتل عن مصر؟ ما هي القوة الموجودة عند قطر كدولة خليجية صغيرة حتى تقاتل؟"

السعودي يهرب إلى الأمام
وتساءل أبو فاضل عن موقع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من هذا التحالف، مستغرباً كيف يُقام تحالف إسلامي ضدّ الإرهاب وتكون إيران خارجه، وكذلك الجمهورية العربية السورية التي عانت من الإرهاب، وكذلك حزب الله الذي يدافع عن كرامة العرب والمسلمين والمسيحيين، من دون أن ننسى العراق الذي يدفع ثمناً غالياً جداً من التكفير والإرهاب، وكذلك فلسطين.
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ السعودي يهرب عبر هذا التحالف إلى الأمام من مشاكله الداخلية، خصوصًا بعد فشله في اليمن وفي سوريا وفي العراق، من دون أن ننسى مشاكله في الخليج، ورأى أنّ المملكة العربية السعودية دخلت في مشاكل كانت بغنى عنها بعد تدخّلها في شؤون الدول.
وفيما وصف أبو فاضل التحالف بأنّه كذبة كبيرة، متسائلاً بأيّ حق سيسمح أعضاؤه لأنفسهم بقتال داعش في سوريا مثلاً، فيما الدولة السورية هي أحقّ بذلك، أعرب عن اعتقاده بأنّ هذا التحالف لن يشهد حياة عملياً.

خطوة متهوّرة
واعتبر أبو فاضل أنّنا أمام نظام ودولة ذكية جداً، مشدّداً على أنّ هذا النظام بقيادة الرئيس بشار الأسد لن يسقط، مشيراً إلى أنّ الروسي لا يقف اليوم في سوريا إلى جانب النظام بل إلى جانب الشرعية الدولية بالدرجة الأولى.
وجدّد أبو فاضل القول بأنّ خطوة محمد بن سلمان، في إشارة إلى التحالف الإسلامي، هي خطوة متهوّرة وغير موزونة وغير مدروسة بالكامل، وأشار إلى أنّ الرئيس التركي رجب إردوغان أعلن مصالحته مع إسرائيل بعدما استنفدت هذه الورقة بالكامل، منهياً التمثيلية التي بدأت من أيام سفينة مرمرة لاستقطاب الشعب العربي والإسلامي.
وإذ كشف أنّ الرئيس السوري بشار الأسد حمّل السفينة يومها بواسطة الصديق ياسر قشلق بأدوية، مشترطاً عدم القول بأنّها منه حتى يُسمَح لها بالدخول، قال: "نحن أمام مشهد كاذب من الذين باعوا فلسطين، ولو أنّ هذا التحالف أنشأوه من أجل فلسطين، لكان الإسرائيلي بدأ بمراجعة حساباته".

التحالف شقّ لبنان
وأشار أبو فاضل إلى أنّ هذا التحالف هو ضدّ إيران وسوريا والعراق ولبنان"، ملاحظاً أنّ "هذا التحالف شقّ لبنان اليوم، كما هو واضح من المواقف". واستبعد الاتفاق في مجلس الوزراء على الانضمام إلى هذا التحالف، خصوصًا أنّ في لبنان حزباً كبيراً اسمه حزب الله، وهو حزب إقليمي وليس محلياً محض، وقد وصف هذا التحالف بالمشبوه.
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل وجود محاولات دائمة لشقّ الصف المسيحي في الداخل اللبناني، ولفت إلى أنّ كلّ المؤتمرات والقرارات التي تأتي من خارج سوريا لن تؤذي سوريا قيد أنملة، وأشار إلى أنّ الحرب ستبقى لوقت طويل، لكن الجيش السوري بدعم من حلفائه يحقق انتصارات ويحقق تقدّماً.

القرار للميدان
وأكد أبو فاضل أنّ المشهد معقد جداً اليوم، ولذلك فإنّ الميدان هو الذي يتكلم، والقرار بالنتيجة هو له، وأعرب عن اعتقاده بأنّ المعركة الكبرى هي أحلام إردوغان واسترجاع السيادة، لكن المشكل الكبير هو بين جبل الأكراد وجبل التركمان، لافتاً إلى أنّ قواعد الاشتباك الجديدة بين سوريا وحلفائها من روسيا وحزب الله من جهة وداعش وجبهة انصرة وإردوغان من جهة ثانية لم تُرسَم ولم تثبّت بعد على الأرض، وهي ستظهر مع وقف إطلاق النار.
وفيما رأى أبو فاضل أنّ المرحلة المقبلة لن تكون صعبة، أعرب عن اعتقاده بأنّ المعركة الكبيرة هي المعركة الاقتصادية التي يعوّلون عليها، لافتاً إلى أنّ إردوغان يفرض الليرة التركية للتعامل بها على حساب الدماء والأطفال والمهجّرين، وأشار إلى أنّ الأمور باتت متداخلة إلى حدّ كبير، وقال: "إردوغان دماغ إسرائيلي بجسم تركي".

الحلم الإردوغاني المستمر
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ إردوغان استُدرِج استدراجًا إلى العراق، وهو لا يستطيع أن يبقى في العراق، ولا مصلحة له بذلك، لافتاً إلى أنّه لن يضرب داعش أصلاً وكلّ ما يقوله بخلاف ذلك مجرّد كلام، وهو لا يرى مصلحة له بضرب داعش.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ طبيعة العمل في تركيا تختلف كثيراً عن طبيعة العمل في دول أخرى، مشيراً إلى أنّ تركيا نسيج من الشعب، وأكد أنّ مشكلته مع الأكراد كبيرة وتكبر أكثر، مجدّداً القول بأنّ إردوغان يحلم أن يصل إلى محيط البحر الأبيض المتوسط عبر دولة تفصل بين تركيا وسوريا، وتكون هذه الدولة من جبل التركمان نزولاً حتى البحر.
وأكد أبو فاضل أنّه إذا تمّ تثبيت القرار الدولي الجديد وتمّ العمل عليه جيداً، واقتنع إردوغان بإزالة الحلم العثماني من رأسه، يمكن عندها الحديث عن هدوء في الشمال السوري، معرباً عن اعتقاده بأنّ هذه المنطقة ستظلّ مشتعلة إلى أن تُخلَق قواعد اشتباك جديدة فيها.

الخرف العربي...
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ اختيار ما يسمّى بالمعارضة السورية لرئيس الحكومة السابق رياض حجاب كمنسق عنها أتى في محاولة منها لاستفزاز النظام، مشيراً إلى أنّ السعودي يفكّر بمنطق نكايات لا مصالح دول.
ورأى أبو فاضل أنّ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان والأمير محمد بن نايف لم يكونوا جميعهم في مستوى المرحلة الحالية والخطر المحدق بالمنطقة العربية وما يسمّى بالخرف العربي الذي خرب كلّ المنطقة.

الشعب مع الأسد
ولفت أبو فاضل إلى أنّ الرئيس السوري بشار الأسد لم يسقط لأنّ شعبه هو الذي انتخبه ولم يعيّنه الأميركان، بخلاف الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي أو الرئيس الليبي معمر القذافي، وهؤلاء لم تخترهم شعوبهم.
وفي الختام، توقف أبو فاضل بإجلال أمام الجيش العربي السوري الذي يقاتل التكفيريين، وتوجّه بالتحية لكلّ القيادات في سوريا، وكذلك لحزب الله وللروس الذين جاءوا وغيّروا المعادلات.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق