الدولة تستعيد زخمها.. حكومياً وتشريعياً وأمنياً

المستقبل  
بدت محرّكات الدولة أمس وكأنها دارت بكامل طاقتها وأنتجت الكثير بعد طول انتظار وغياب، حيث نجح مجلس الوزراء في تخطّي موضوع التعيينات باعتماده صيغة 6 و6 مكرّر، كما نجح في بدء مقاربة موضوع التنقيب عن النفط والغاز بطريقة مشجّعة وإيجابية، في وقت كانت الخطة الأمنية في طرابلس تنهي يومها الثاني بنجاح وتشيع أجواءً كانت غابت عن عاصمة الشمال على مدى سنوات، بحيث أن مشهد تلاقي أهل جبل محسن وباب التبانة بدا وكأنه آتٍ من عالم الأحلام وليس من عالم الواقع.

على الجانب الآخر، كان اليوم الثاني من الجلسة التشريعية يشهد إنجازات فعلية أبرزها إقرار قانون تثبيت المياومين وإعادة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى اللجان النيابية المشتركة التي في حال أقرّته قبل نهاية الأسبوع الحالي، يسلك طريقه إلى الهيئة العامة مجدّداً في الأسبوع المقبل.

لكن البارز كان تحديد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان خلال إطلاقه مشروع اللامركزية الإدارية مواصفات الرئيس المقبل وعلى رأسها أن يكون «لبنانياً كامل الولاء للبنان» فيما شدّد مجلس المطارنة الموارنة على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، و«اختيارَ رئيس للبلاد قادر وفاعل».

مجلس الوزراء

وعلى عكس الجلسة «الحامية» التي عقدها مجلس الوزراء الاثنين الماضي، حلّ «البرد والسلام» على جلسة مجلس الوزراء أمس في بعبدا والتي كان على جدول أعمالها بندان أساسيان هما التعيينات الإدارية لموظفي الفئة الأولى وموضوع تلزيم البلوكات النفطية.

وأقرّ المجلس تثبيت مدعي عام التمييز القاضي سمير حمّود ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص في منصبيهما، فيما عيّن جان أبو فاضل في منصب رئيس المؤسسة الوطنية للاستخدام، وحبيب مرعي مفتشاً عاماً صحياً وزراعياً واجتماعياً، وحنا العميل مديراً عاماً لمكتب الحبوب والشمندر السكري، ولانا ضرغام مديرة عامة لمؤسسة «ليبنور» وأعاد تعيين كمال حايك رئيساً لمؤسسة كهرباء لبنان ومديراً عاماً لها، وأحمد حمدان رئيساً لديوان المحاسبة، وفاتن يونس مديرة عامة للشؤون السياسية في وزارة الداخلية، ومنصور ضو محافظاً للجنوب، فيما قبل استقالة رئيس صندوق المهجرين فادي عرموني وتم الاتفاق على الإسراع في تعيين البديل.

وقرّر مجلس الوزراء بعد الاستماع إلى هيئة إدارة النفط تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام لدرس مشروع التنقيب ورفع تقرير إلى مجلس الوزراء بشأنه.

وقال الوزير أبو فاعور لـ«المستقبل» إن الاتصالات التي انطلقت منذ الاثنين الماضي بين الرؤساء الثلاثة و«وليد بك» أدّت إلى «جو الوئام الذي ساد الجلسة أمس وأنتج التعيينات، وبالتالي يمكن لهذا الجو الإيجابي أن ينسحب على الشواغر الأخرى».

من جهته، أشار وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«المستقبل» إلى أن اللجنة الوزارية التي ستدرس ملف النفط «لجنة اختصاص وليست لجنة سياسية وبالتالي ليس من الضروري أن يكون فيها وزراء محسوبون على تيار المستقبل».

وأشارت مصادر وزراية لـ«المستقبل» إلى أن التعيينات أُقرت بسرعة والأسماء التي طُرحت خلال الجلسة لم تكن معروفة من قبل، حيث كان الاتفاق أن يقوم كل وزير بطرح الاسم المرشح إلى منصب شاغر في وزارته.

وأوضحت أنه على سبيل المثال اقترح وزير الاقتصاد ألان حكيم تعيين حنا العميل في مكتب الحبوب والشمندر السكري التابع لوزارة الاقتصاد، كما اقترح الوزير سجعان القزي تعيين جان أبو فاضل رئيساً للمؤسسة الوطنية للاستخدام التابع لوزارة العمل، فيما رشّح الوزير الخليل عليا عباس لمنصب مديرة عامة للجمارك، إلا أن وزيري «حزب الله» اعترضا عليها واقترحا اسماً تبيّن أن في حقه ملفات فساد، لذلك جرى تأجيل البت في الموضوع بعد أن اقتنع وزيرا الحزب بأن مرشّحهما لن يمر.

ولفتت إلى أن هيئة النفط شاركت في الجلسة حيث عرض أعضاؤها تصوّراً عن الحقول النفطية بحيث تحدّث كل عضو لمدة 4 دقائق تقريباً وتناولوا الموضوع من الوجوه القانونية، الجيولوجية والجغرافية، قبل أن يُصار إلى تأليف اللجنة الحكومية التي ستدرس الملف.

وعلمت «المستقبل» أن بداية الجلسة شهدت نقاشاً حول الخطة الأمنية وطلب الوزير القزي الإشادة بها في مقررات مجلس الوزراء «بسبب الارتياح الذي خلّفته لدى الناس، وتجاوب المسلحين حيث تم إلقاء القبض على 75 مطلوباً بينهم 43 صدرت بحقهم استنابات قضائية، وذلك تمّ من دون إراقة نقطة دم واحدة، وهذا ما يتطلب إشادة الحكومة بالخطة». كما طلب القزي التنويه بمسودة مشروع اللامركزية الإدارية الذي تحدّث عنه الرئيس سليمان في بعبدا، «لأنه تطوّر نوعي للإدارة».

ثم تحدّث نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل الذي قال إن «الخطة ماشية وناجحة» فيما أكّد الوزير المشنوق أن «الخطة تسير وفقاً لما هو مرسوم لها، وأن معظم الموقوفين مطلوب استناداً للاستنابات القضائية» مؤكّداً «نحن ماضون في هذه الخطة حتى النهاية».

سليمان

وكان الرئيس سليمان أكّد «أهمية اللامركزية الإدارية لأنها تطال قانون الانتخاب، وتتداخل معه وتطال الموازنة لجهة تأمين متطلبات الإدارات ومتطلبات الناس»، مشيراً الى أنها «تعزز الوحدة الوطنية وتؤمن التنوع الموصوف فيه لبنان ضمن هذه الوحدة، من دون أن تلامس الفيديرالية أو أي نوع من أنواع التقسيم». 

ولفت خلال إطلاقه مشروع قانون اللامركزية الإدارية، في حفل أقيم قبل ظهر أمس في القصر الجمهوري في بعبدا الى «أن استكمال تطبيق اتفاق الطائف يتعلق بإطالة عمر الطائف الذي يلزمه التحصين، عبر النظر في الثغرات الدستورية، ليس على قاعدة تنازع الصلاحيات بل على قاعدة توزع المسؤوليات»، داعياً رئيس الجمهورية الجديد وهيئة الحوار الى «متابعة ما تقرر في الحوار»، مشدّداً على أن «الرئيس الجديد، رئيس قوي وليس رئيساً ضعيفاً ولكن رئيس لبناني، عربي، توافقي إذا أمكن، أو ينتمي الى خط سياسي لبناني مكتمل الولاء للبنان. والأهم من كل ذلك أن يكون رئيساً كبيراً بحجم لبنان المقيم ولبنان الاغتراب لكي يقوم بواجباته بالشكل الصحيح». وأكد أنه «لا يمكن المباشرة ببناء الدولة من دون مقاربة الاستراتيجية الدفاعية، لتحصين لبنان ولحماية الجميع بمن فيهم المقاومة».

مجلس النواب

في موازاة ذلك، أقرّ مجلس النواب في اليوم الثاني من جلسته التشريعية اقتراح قانون معجل مكرر لملء المراكز الشاغرة في مؤسسة كهرباء لبنان عن طريق مباراة محصورة بالعمال غب الطلب وجباة الإكراء، كما أقر اقتراح قانون لتثبيت كتّاب عدل، واقتراح قانون للإجازة للجامعة اللبنانية إجراء مباراة محصورة على أساس الألقاب لملء شواغر في ملاكاتها.

كما أقرّ اقتراح القانون لتعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي والإعفاء من زيادات التأخير والمخالفات وإجازة تقسيط الديون المتوجبة لصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فيما أعاد إلى اللجان مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب على أن يُصار إلى درسها في جلستين اليوم وغداً وفي حال إقرارها تعاد إلى الهيئة العامة للمجلس لإقرارها في جلسته التشريعية المقبلة.

طرابلس

إلى ذلك، تابع الجيش اللبناني ووحدات من قوى الأمن الداخلي تنفيذ الخطة الأمنية في يومها الثاني لبسط السيطرة على باقي المناطق والأحياء التي كانت مرتعاً للمسلحين وجبهات مواجهة، فدخل الجيش شارع سوريا الفاصل بين باب التبانة وجبل محسن ومنه الى الأحياء الداخلية وأزقة التبانة الضيقة، وسط أجماع من أهالي وأبناء المنطقتين بالترحيب والانتقال الى مرحلة جديدة من التعايش. وعبّر الطرابلسيون عن فرحتهم بدخول الجيش وكل الأجهزة الرسمية، بمسيرة حملت عنوان «حسن النية» انطلقت من باب التبانة الى جبل محسن، فاستقبلت من أهالي الجبل بنثر الورود والأرز وزغاريد النسوة. وأكد الجميع على «النية في تثبيت الأمن والسلام»، معتبرين أن «العوائق التي كانت تحول دون تعايشهم التاريخي قد زالت وولت الى غير رجعة».

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق